أحمد الحيلة يكتب: حداث عين الحلوة، كما يبدو، ليست أحداثا فلسطينية محلية بحتة، فليس جديدا وجود عناصر الشباب المسلم وعصبة الأنصار في عين الحلوة، بل إن وجودهم يعدّ جزءا من خارطة القوى في المخيم، ما يعني أن أحداث عين الحلوة ليست إلّا صورة سطحية لمشهد آخر، وأهداف باتت أبعد من مجرد خلافات بين فتح وعناصر إسلامية.
أحمد الحيلة يكتب: يشكّك البعض في خلفيات ومآلات الخطوة السعودية، ويتساءل لماذا الآن أُخذ هذا القرار بعد مرور نحو 30 عاماً على توقيع اتفاقية أوسلو؟ وهل السعودية قادرة على تغيير المسار أو إحياء الأموات (اتفاقية أوسلو/ حل الدولتين) بعد أن دُفنت بأيدٍ صهيونية، وصمت أمريكي غربي، وعجز عربي آخذ في الاتساع مع مرور الزمن؟ وكأن السائل أراد القول بأن تقدّم السعودية، الآن، بخطوات سياسية نحو الفلسطينيين قد يقابله تقدّم بخطوات تطبيعية نحو إسرائيل، وأن التقدّم الأوّل قد يُقصد به التغطية على التقدّم الثاني
أحمد الحيلة يكتب: حركة فتح فشلت في استثمار أحداث عين الحلوة لتثبيت مرجعيتها السياسية والأمنية في مخيمات لبنان، بعد أن فشلت في حسم المعركة في عين الحلوة وظهر مستوى ضعفها رغم كثرة عددها وعتيدها، كما فشلت في جر سلاح المقاومة إلى أتون المعركة الداخلية لتجريمه وتشويهه في أعين الفلسطينيين واللبنانيين على حدٍ سواء
بدأت أحداث عين الحلوة بقيام المدعو محمد زبيدات الملقّب بالصومالي، والمحسوب هو وعائلته على حركة فتح والأمن الوطني الفلسطيني، بإطلاق الرصاص في السوق يوم السبت الماضي، فقُتل محمد الصدّيق فرهود المحسوب على الشباب المسلم وجُرح آخرون بينهم أطفال..
الأداء السلبي للإعلام المحسوب على السعودية، والمحسوب على إيران وسوريا، والذي يَشي بأن هناك مايسترو يُحرِّك ويُحرِّض هنا وهناك، كلٌ حسب أجندته، لا يمنع من التطلّع نحو حِكمة الحكيم، وعَقْلانية العاقل، فتتوقّف حالة التوتّر والتوتير، وسكب الملح على الجرح..
على الطرف الفلسطيني أن يحدّد سلّم أولوياته الوطنية، حتى يحدّد بناء عليه مساحات التعاون والشراكة الكبرى والصغرى مع الحلفاء والأصدقاء فيتقدّم ويتأخّر، ويدفع ويأخذ وفقاً لهذه المعادلة. وهذا ميدان اجتهاد يصيب الإنسان فيه ويخطئ
ثلاثون عاماً من اللهاث وراء السلام والمفاوضات. سبعون عاماً من انتظار عدالة وإنصاف المجتمع الدولي الغربي الذي يحرم الفلسطيني من حقه في التحرير والعودة وتقرير المصير، ويصف نضاله بالإرهاب، ويطارده في كل مكان، ضارباً بالحائط كل مبادئ وأعراف القانون الدولي..
دول ما تُسمى باتفاقيات أبراهام، بالإضافة إلى مصر كامب ديفيد، جاءت إلى النقب، في مشهد غير متوقّع وغير متخيّل، يحدوها البحث عن مصالحها فيما تعتقد، بعيداً عن أدبيات القضية الفلسطينية القومية والدينية، ظانّين بإسرائيل خيراً باعتبارها عامود خيمة الولايات المتحدة الأمريكية..
أمام هذا الواقع أصبحت الكرة في ملعب فصائل العمل الوطني التي اتسعت دائرتها بامتناع الجبهة الشعبية عن حضور اجتماع المجلس المركزي الأخير؛ رفضاً لسياسة التفرد والتهميش وتجاهل الرئيس عباس التوافق الوطني لا سيّما بعد إلغائه الانتخابات..
الاستمرار في اجترار الأفكار والدوران في ذات الحلقة، حلقة الحديث عن إنهاء ما سُمي بالانقسام الفلسطيني الذي هو في حقيقته خروج فصيل أو حزب عن الحالة الوطنية النضالية العامة، مؤشّر على ضعف الاجتراح وإبداع الأفكار لدى النخب السياسية، أو تعبيرٌ عن عجز في الريادة وابتكار الأدوات النضالية بمواجهة الاحتلال
من فلسطين المحتلة إلى ربوع وطننا العربي الكبير، السجن الكبير، تتقارب الغايات، وتتشابه الأحوال في البحث عن نفق الحرية في زمن الهزيمة؛ فغاية العباد معروفة، ودوافع الخلاص من الاستبداد والظلم موجودة، ولم يبق سوى العقل الذي يدير ويتدبّر بحكمة وشجاعة وريادة.
كل ذلك يجعل من التقارب مجدداً مع حركة "حماس" مصلحة للرياض؛ كما هو مصلحة لحماس التي أكّدت حرصها على علاقات متوازنة مع الجميع، وبأن علاقتها مع إيران لن تكون على حساب علاقاتها مع الدول العربية والمملكة العربية السعودية
الدور الأمريكي الحالي لا يعدو أكثر من محاولة لخلق مقاربة تكتيكية جديدة لحرمان الفلسطينيين والمقاومة من أكبر إنجاز حازت عليه الأخيرة بتعزيز موقعها دفاعا عن القدس والقضايا الوطنية الكبرى، الذي يؤهلها لقيادة الشعب الفلسطيني نحو التحرير والعودة، وهذا ما لا تريده واشنطن وبعض العواصم العربية.
أمام هذه اللوحة الثورية الوطنية الاستثنائية، يحق للشعب الفلسطيني أن يستبدل ذكرى إحياء النكبة الأليمة بإعلان العاشر من أيار/ مايو 2021 يوماً احتفالياً بانطلاق مرحلة التحرير والعودة