لما تطرقنا الأسبوع الماضي إلى ظاهرة انتشار ذهنية ما بعد الحقيقة، التي تقوم على إنكار الوقائع وتصديق الأباطيل، ذكرنا أن هذه الذهنية صارت الموجّه الأول لخط التحرير في مؤسسة إعلامية كبرى مثل شبكة فوكس نيوز، وأن الشبكة صارت لهذا السبب تمثل خطرا دائما على نزاهة الإعلام وتوازنات الديمقراطية. وتوقعنا أن جلسات المحاكمة لنظر دعوى القذف التي رفعتها شركة دومنيون لأنظمة الاقتراع على فوكس ستجلو هذه الحقيقة أكثر طيلة الأسابيع الستة القادمة. ولكن الذي حدث في الأثناء هو أن فوكس جنحت منذ الجلسة الأولى، الثلاثاء، إلى تسوية رضيت بموجبها أن تدفع أكثر من 787 مليون دولار (!) لدومنيون. لماذا؟ حتى تتجنب فضيحة نشر غسيلها الوسخ على مرأى من العالمين.
الظاهر أن المقروء في بلاد المشرق من كتابات الأستاذ البشير بن سلامة، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى آخر الشهر الماضي، يكاد ينحصر في إنتاجه الروائي، وخصوصا رباعية "العابرون" التي تسرد تاريخا روائيا لتونس المعاصرة على مدى قرن كامل. على أن له كتابات هامة في النقد الأدبي والفكر الحضاري بقي ينشرها على مدى ثلاثين سنة في مجلة "الفكر" التي كان رئيس تحريرها، كما كتب بعد ذلك في مجلات مثل "العربي" الكويتية و"الآداب" البيروتية. هذا إضافة إلى ترجمة كتابين، مع محمد مزالي، للمؤرخ شارل أندري جوليان، وترجماته لمؤلفات مثل "سليمان القانوني" لأندري كلو، و"خير الدين والبلاد التونسية" لفان كريكن، و"ليلة الفلق: محمد والبيان الإسلامي" لقريبه المحلل النفسي المعروف في فرنسا فتحي بن سلامة، صاحب الكتاب الشهير "التحليل النفسي في محك الإسلام".
ليس هنالك في ظاهر الأمر أي وجه صلة بين إضرابات الممرضات في بريطانيا واجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. إلا أن الحدثين ينطويان على بعض مفارقات هذا العهد المتأخر من تاريخ "اللا-نظام" النيوليبرالي العولمي المترنح. ذلك أنه لم يسبق للممرضات في بريطانيا أن خرجن للإضراب في الشوارع على الإطلاق.
طول الاعتياد يضعف الانتباه ويحد من القدرة على الملاحظة، ولهذا فإن الزائر قد يرى ما لا يراه صاحب البيت، كما أن السياح يلاحظون في العادة أشياء، وتلفت أنظارهم تفاصيل لا يكاد يشعر بها أبناء البلاد.
اعترضتني في بداية إقامتي في أمريكا، منتصف الثمانينيات، مشكلتان "ثقافيتان". الأولى هي انعدام القهوة القوية الفوّاحة! قضية مصيرية ربما يأتي حديثها في فرصة قادمة. أما المشكلة الأخرى فهي أنه لم يكن في البلاد عهدئذ وجود لكرة القدم. كان الفقد مؤلما ولا عزاء باستثناء صفحات الرياضة في لوموند والشرق الأوسط اللتين لم يكن يقرأهما في مكتبة الكلية سواي. لهذا كانت العودة إلى أجواء كرة القدم من ألذ مباهج الاستقرار في لندن. على أن مفاجأة طريفة حصلت لي عندما وجدت صدى لمواجع الفقد الكروي هذه عند مصدر فكري رصين.
كان الإغريق يؤمنون بآلهتهم وأساطيرهم ولا يؤمنون، حيث كان علية القوم يرون حينا أن الأسطورة هي أساس الحقائق الفلسفية، وحينا آخر أنها تحريف خفيف لهذه الحقائق.
تاريخان اثنان يلخصان مأساوية المصير المظلم المفزع الذي صرنا نحن البشر مقبلين عليه أو ماضين إليه دون أي رغبة في التفكير فيه، ناهيك عن الاستعداد لمواجهته وعمل ما يلزم لدرء مخاطره الداهمة. الأول هو 28 يوليو، والثاني 15 نوفمبر. كل منهما يؤكد الآخر ويكمله ويواطئه على إغلاق دائرة القدر البشري. ومن الطريف أنه يبدو كما لو أن هذين الرقمين قد تحالفا لمناقضة البيت الشهير “إن كان يوليو في الشهور كبابنا فشفيع يوليو، في الشهور، نوفمبر” الذي اختزل به الشاعر الجزائري مفدي زكريا تاريخا وطنيا من الانكسار والانتصار.
لست أدري إذا كان معظم الناس يشاهدون نشرات الأخبار وبرامج شؤون الساعة على التلفزيون مشاهدة اندماجية (من الألف إلى الياء) أم انتقائية (بمفاضلة بين الفقرات حسب الميول والاهتمامات)..
يرجّح العارفون بالشأن الروسي، أن نظام بوتين أخذ يحاول تهيئة الرأي العام الداخلي لتقبّل ضرورة تقليص أهداف «العملية الخاصة» في أوكرانيا ووقف القتال، بعد أشهر أو ربما عام، في إطار مفاوضات تؤكد المصادر الاستخبارية الغربية أنها قد بدأت بين روسيا وأمريكا بشأن مخرج سياسي، يحتفظ بموجبه الكرملين ببعض الأراضي
قبيل انضمام بولندا وتشيكيا والمجر إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 1999، سئل أستاذ العلاقات الدولية الفذّ ستانلي هوفمان، عقب محاضرة ألقاها في تشاتهام هاوس في لندن..